12‏/06‏/2011

نعم أنا منحاز لحزب العدالة والتنمية

نعم أنا منحاز لحزب العدالة والتنمية
محمد فاروق الإمام
اليوم الأحد الثاني عشر من حزيران يخوض حزب العدالة والتنمية التركي ذو التوجه الإسلامي الوسطي المعتدل انتخابات برلمانية في جو ديمقراطي شفاف يتسم بالنزاهة والحيادية، في مواجهة لفيف من الأحزاب ذات المشارب القومية والعلمانية والليبرالية، متسلحاً بشعبية واسعة اكتسبها من تحقيق الكثير من وعوده التي قطعها للشعب التركي في مرحلتين انتخابيتين سابقتين في التنمية وتحقيق فرص العمل العادلة لجميع الأتراك وتشجيع الاستثمارات في كل المجالات الصناعية والسياحية والزراعية والتجارية، حتى وصلت تركيا إلى مصاف الدول المتقدمة والغنية والمستقرة اقتصادياً، يدعمها احتياطي كبير من العملات الصعبة وأسواق عالمية كبيرة مفتوحة أمام صناعاتها وبضائعها واحترام لعملتها الوطنية، وقد وصلت صادراتها إلى ما يزيد على 500 مليار دولار سنوياً.
هذا في الشأن الداخلي الاقتصادي والاجتماعي التركي، أما في الشأن الخارجي فقد سعت حكومة العدالة والتنمية إلى الارتباط بالعالم الإسلامي والعربي بأحسن العلاقات وتوثيق الصلات، فقد فتحت أبوابها لكل الدول الإسلامية والعربية وألغت مع العديد منها تأشيرات الدخول أو أي قيود على الاستثمار أو حرية التبادل التجاري المتوازن. ووقفت مواقف مشرفة تجاه القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين، وقد آثرت الوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني في مواجهة الصلف الإسرائيلي وجمدت علاقاتها السياسية والأمنية والعسكرية مع الكيان الصهيوني عقب العدوان على غزة هاشم، وانحازت إلى الفلسطينيين المحاصرين وسعت بكل السبل إلى فك الحصار عن غزة وقد كلفها ذلك سقوط عدد من أبنائها شهداء وهم يتحدون الحصار الصهيوني على غزة، كما حصل في قافلة أسطول الحرية، ومنعت الأمريكيين من استخدام قواعدهم في تركيا لشن أي عدوان على العراق وأفغانستان، وتحملت بكبرياء تداعيات هذه المواقف ونتائجها السياسية والاقتصادية.
أقولها بالصوت العالي أنا منحاز لحزب العدالة والتنمية وأتمنى له فوزاً كاسحاً، يخوله تشكيل الحكومة وتبوأ منصب رئاسة الجمهورية كما هي الحال الآن، ليتمكن من التعديلات الدستورية المهمة التي تخلص تركيا من كل إرثها الأتاتوركي البغيض، لأنني على قناعة أن وجود هذا الحزب على رأس السلطة في تركيا المجاورة لبلدي سورية، التي تتعرض ثورته السلمية المطالبة بالحرية والكرامة والديمقراطية إلى أبشع أنواع القمع الوحشية، هو الضمانة لوقف هذا القمع البربري ومساندة الثورة والجماهير السورية التي انتفضت لتنتزع الحرية المصادرة منذ ما يقرب من نصف قرن والفوز بالكرامة المداسة من قبل النظام السادي الذي ارتكب من الفظائع البشعة المنكرة بحق الأطفال والنساء والمسنين والمقعدين جعلت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وهو الذي غالباً ما يصف نفسه بأنه (صديق) للرئيس بشار الأسد، إلى الخروج عن تحفظه التقليدي متهما النظام السوري بارتكاب (فظاعات) عبر قتل النساء والأطفال والشيوخ والمقعدين. واعتبر بشكل عام أن قمع التظاهرات في سورية أمر (غير مقبول)، ولم نسمع مثل هذا النقد لقمع النظام السوري من أي مسؤول عربي، بل بالعكس فإن هناك العديد من الدول العربية من يقف إلى جانب النظام السوري في المحافل الدولية ويحول دون استصدار بيان دولي يدين جرائم هذا النظام.
وقال أردوغان في مقابلة مع القناة التركية السابعة: (لا يمكننا حقاً غلق الأبواب أمام من يفرون للنجاة بحياتهم ويهربون إلى تركيا. يجب أن نرحب بهم (وصل عدد اللاجئين إلى تركيا أكثر من خمسة آلاف جلهم من النساء والأطفال والجرحى والمرضى والشيوخ، ولا تزال الأعداد مرشحة إلى عشرات الألوف)، لكن إلى أي مدى سيستمر هذا الأمر؟ هذه مسألة أخرى).
وقال: (تحدثت مع الأسد قبل أربعة أو خمسة أيام لكنهم (السوريين) يقللون من أهمية الوضع وللأسف لا يتصرفون بشكل إنساني).
وأضاف (إن دمشق تتعامل مع القضية باستخفاف شديد، وإنه لا يمكن لتركيا الدفاع عن رد سورية غير الإنساني على الاحتجاجات).
وقال: (للأسف قلت بشكل واضح جداً إن أخاه يتصرف بطريقة غير إنسانية وأنه يمارس الوحشية في الوقت الراهن... ماهر. وأعتقد أنهم يستعرضون فوق (جثث) النساء الذين قتلوهن للتو. ذلك يعطي انطباعاً كريهاً. هذه الصور تتعذر استساغتها).
ولم يقتصر هذا الموقف على السيد أردوغان فهذا الرئيس التركي غول تنقل عنه وكالة أنباء الأناضول التركية الجمعة 10 حزيران قوله: (إن تركيا تنظر إلى السوريين على أنهم جيران وإخوة يرتبطون مع تركيا بروابط أسرية). مضيفاً: (نتابع الوضع في سورية يومياً من خلال وكالات الأنباء بدقة، بل بدقة قصوى).
 وذكر غول (أن بلاده متأهبة لأسوأ السيناريوهات من الناحية المدنية والعسكرية).
وقال (لا نرغب بطبيعة الحال أن تحدث هذه السيناريوهات السيئة، لكن الأمور لا تتطور في الاتجاه الصحيح).
تركيا (حزب التنمية والعدالة) التي تشترك مع سورية بحدود يزيد طولها على 800 كيلو متراً، يمكن أن تكون السند القوي للشعب السوري الثائر، بما لها من ثقل ووزن إقليمي ودولي يتيح لها التحرك والضغط في المحافل الإقليمية والدولية، بعمقها الإسلامي والأوروبي الذي يخولها ممارسة الضغط السياسي والإنساني والأخلاقي على النظام السوري السادي الذي يقمع شعبه بوحشية وفظاعة، ويمكنها إذا تطلب الأمر ردع آلة النظام العسكرية الباغية التي تستعملها في قمع الجماهير الثائرة المنتفضة سلمياً لانتزاع الحرية والفوز بالكرامة وتحكيم الديمقراطية كحال كل الشعوب الحرة في العالم، والشعب السوري الذي يرفض أي تدخل عسكري أجنبي لوقف هذا القمع لا يجد غضاضة في التدخل التركي إن كان ولابد أمام الصمت العربي الذي يدير ظهره لما يحدث في سورية، لوقف نزيف الدماء وعدم انجرار البلاد إلى حرب أهلية يريدها النظام ويدفع إليها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق